لكن عبدالل بن عمر لا يكاد يبلغ ها المكان يوما حتى يدور بناقته، ثم ينيخها، ثم يصلي ركعتين للله.. تماما كما رأى المشهد من قبل مع رسول الله..
ولقد أثار فرط اتباعه هذا، أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت:
"ما كان أحد يتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم في منازله، كما كان يتبعه ابن عمر".
ولقد قضى عمره الطويل المبارك على هذا الولاء الوثيق، حتى لقد حاء على المسلمين زمان كان صالحهم يدعو ويقول:
"اللهم أبق عبدالله بن عمر ما أبقيتني، كي أقتدي به، فاني لا أعلم أحد على الأمر الأول غيره".
وبقوة هذا التحري لشديد الويق لخطى لبرسول وسنته، كان ابن عمر يتهيّب الحديث عن رسول الله ولا يروي عنه عليه السلام حديثا الا اذا كان ذاكرا كل حروفه، حرفا.. حرفا.
وقد قال معاصروه..
"لم يكن من أصحاب رسول الله أحد أشد حذرا من ألا يزيد في حديث رسول الله أو ينقص منه، من عبدالله بن عمر"..!!
وكذلك كان شديد الحذر والتحوّط في الفتيا..
جاءه يوما رجل يستفتيه، فلماألقى على ابن عمر سؤاله أجابه قائلا:
" لا علم لي بما تسأل عنه"
وذهب الرجل في سبيله، ولا يكاد يبتعد عن ابن عمر خطوات حتى يفرك ابن عمر كفه جذلان فرحا ويقول لنفسه:
"سئل ابن عمر عما لا يعلم، فقال لا أعلم"..!
كان يخاف أن يجتهد في فتياه، فيخطئ في اجتهاده، وعلى الرغم من أنه يحيا وفق تعاليم الدين العظيم، للمخطئ أجر وللمصيب أجرين، فان ورعه أن يسلبه ورعه كان يسلبه الجسارة على الفتيا.
وكذلك كان ينأى به عن مناصب القضاة..
لقد كانت وظيفة القضاء من أرقع مناصب الدولة والمجتمهع، وكانت تضمن لشاغرها ثراء، وجاها، ومجدا..
ولكن ما حاجة ابن عمر الورع للثراء، وللجاه، وللمجد..؟!